أُقتل جموحك قبل أن يقتلك
صباح صدور مقالي السابق (“دورية لضبط الجموح”، “النهار” السبت 13 الجاري)، انهالت على منزلي اتصالات من أمهات وعائلات ومواطنين لتأييد ما جاء في المقال.
ومعظمهم ألحَّ عليَّ بمواصلة الحملة ضد السرعة على “طرقات الموت”، مع أنَّ ما قمت به لم يكن “حملة” بقدر ما كان صرختي كأم ومواطنة مصابة بالحزن والغضب ككل اللبنانيين. وفي اليوم نفسه اتصا بي الدكتور نقولا زيادة لـ”يزف” إليَّ خبر اجتماع عقده وزير الداخلية لبحث مشاكل السير والسرعة والحوادث القاتلة. كما اتصل بي مدير مركز الشرق الأوسط للأبحاث سام منسى، واضعاً إمكانات وأفكاراً في خدمة ضبط السير والسرعة، في حال الاتصال به على 564985/01، وكم أصابني الذهول لمعرفتي أنَّ ضحايا حوادث السير بلغت في عام واحد 330 قتيلاً عدا من أُصيبوا ويتعالجون في المستشفيات ومراكز التأهيل.
وعرضت للسيد منسى نقاطاً بينها:
1 ـ مطالبة محطات التلفزيون بأفلام توعية حول مشاكل السير والحوادث القاتلة. وجاء من ماغي فرح وسعيد غريِّب جوابان إيجابيان حتى الآن.
2 ـ مطالبة الصحف والمجلات بإفراد زوايا لمشاكل السير والشكاوى، على غرار “النهار”.
3 ـ أكثر الخطوط عرضة للحوادث ثلاثة: جبيل ـ جل الديب ـ طريق الشام الدولية ـ بيت مري ـ برمانا. فماذا لو قامت كل بلدية بإفراد عنصرين من شرطتها على الخط العام نهاراً، ودورية مماثلة أخرى ليلاً، مع دراجات سريعة وأجهزة تخابر لتسهيل اتصال دورية في بلدية بدورية البلدية الأخرى عند حصول أي تنبيه فتوقف الأخيرة السيارة التي لم تستطع الأولى إيقافها؟
وماذا لو يتم حجز السيارة يومين أو أسبوعاً بدون تمييز بين ابن رئيس أو ابن وزير أو ابن الشرطي نفسه؟ وماذا لو وزَّعت وزارة الداخلية أرقاماً عامةً لها على الناس يتصل بها المواطنون عند معاينتهم أية حالة على الطرق تشكِّل خطراً على السلامة العامة؟
لا أظن ضبط هذا الأمر يحتاج إلى أكثر من مئة عنصر لشرطة السير في لبنان، وهو أمر سريع التنفيذ ولا ينتظر مماطلة إستيراد للرادارات وطلب المناقصات وفضّ العروض وإهدار الوقت والمال في عهدٍ ينادي بالتقشف.
لا يحتاج الأمر إلى “موازنة”، بل إلى قرار، وإلى حزم في النيَّات وحسم في التنفيذ.
لا يحتاج الأمر إلاَّ إلى ضبط جموح السيارة، قبل أن يزداد جموحها فيقتل صاحبها والمواطنين.
ومن له أُذنان “جامحتان” فليسمع.
—
نشرت في جريدة “النهار” 22 شباط 1999