جريدة السفير

يحلـم بنـا الحلـم

سنة “لبنانية” وراء سنة أقاوم اليأس، أحاصره. أئده في حنايا الضلوع. وأزيِّن الحلم وأتزيَّن له.
بالرجاء أنتظر مقدمه، بكل شوقي للحياة أتوقعه وأطلبه، علَّه يأتي وأنا بعد في قمة وعيي وقوتي وصباي.
حلم هو حلمي وحلم كل إنسان عاش الحرب في بلدي. وأنا أتزيَّن له لأني ضد الرحيل والغربة، ولأنني أتوسَّله ليزيد ارتباطي بالأرض التي أنجبتني وأنجبت كل أحلامي.

الأرض التي أعطتني إخوتي وأولادي ومعنى الانتماء.
والأرض التي عاهدتها أن أبقى فيها ولها، وأن أجمع فوقها فتات الوطن، فأعيد بناءه حجراً على حجر.
فبقدر جراحك أحبك يا وطني.
بقدر تعبك حبِّي، وكلاهما عظيم.

ممزَّقاً أنت يا وطني، وممزَّقاً قلبك، وأحتضنك وأفخر بك أنَّك صامد بعد وباقٍ بنا ولنا، ويجرحني عتبك عليَّ وعلى كل أبنائك الذين عاشوا الحرب ولم يقدروا أن يجترحوا الخلاص، وأن يقرِّروا نهاية المأساة، وأن يستولدوا الحب ويجعلوه الراية والهدف وسبب الوجود.

هذه السنة أراني مضطربة، أحاول أن أدفن يأسي فأخشى أن أدفن معه كل أحلامي.
والبارحة وجدتني عاجزة عن إكمال المشوار مع الحلم.

واجتاحني الخوف من أن يكون قد قتل هو الآخر، وبقيت جثته في العراء، لم يدفنها أحد.
لكن ضحكة صغيري جعلتني أتماسك. لا لم يقتل الحلم ولم يسقط. لقد بات الحلم يحلم بي وبكل إنسان عاش الحرب في بلدي.
بات الحلم يحلم بنا جميعاً، ويحلم بلبنان الذي كان وسيبقى وطن الأحلام والحالمين.

 


نشرت في جريدة “السفير” بتاريخ 15/1/1978

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى