جريدة النهار

دورية لضبط الجموح

يعجبني الشرطي اللبناني بلباسه الرمادي السماوي وقفَّازاته البيضاء، مرتَّب، مهندم، مشدود القامة، صامد في الشتاء العاصف، أو منهك تحت الشمس الحارقة، ينظِّم خط السير ويتابع ضغط السيارات ويتحمَّل نرفزة السائقين والسائقات.

الشرطي في بلدنا أسرع من الحصان في ترتيب محضر مخالفة لسيارة توقفت في مكانٍ ممنوع ولو لخمس دقائق، وبسرعة فائقة كتب المحضر. حلو النظام…
يا شرطي بلدنا: لماذا لا تكون أسرع في ضبط السيارة المسرعة على أوتوستراد جبيل وجونية، ضبية وجل الديب، بل كل أوتوسترادات لبنان؟
لا أعرف إذا كان هناك مادة في قانون تنظيم “السير اللبناني” تنص على إيقاف السيارة المسرعة.
فقط أعرف أنِّي شخصياً أطالب بدوريات خاصة بالسرعة على الطرقات خصوصاً العريضة، وبما أنَّ أكثر طرقاتنا ضيِّقة، فالأوتوستراد يغري الشباب بالسرعة، كما يغرينا نحن أيضاً (متوسطي العمر).

المعروف عالمياً وحياتياً أنَّ الشباب هو سن التهوُّر في كلِّ شيء وخاصة في قيادة السيارات.
ولكن في كل أنحاء العالم هناك قانون ينص على إيقاف السيارات المسرعة بمحضر ضبط وغرامة مالية أو سحب الدفتر المرخَّص للقيادة لفترة، فيمنع صاحب الرخصة من القيادة لمدة شهر أو شهرين أو حتى سنة.

يكفينا سماع أخبار وفيات حوادث السير وموت شبابنا على الطرقات والأوتوسترادات التي هي بدون خطوط بيضاء وبدون إنارة كافية.
لماذا لا تكون هناك دوريات ترصد سرعة السيارات؟ ماذا يمنع أن توقف السيارات بسرعتها الجنونية؟ لقد سمعنا أخيراً بأسماء لأصدقاء أولادنا ولأصدقائنا قضت بحوادث السير هزَّتنا حتى الأعماق.

أوقفوا طرقات الموت.
الشابان سامر مخزومي وسامر سعد وفتاتان في عمر الورود إحداهما وحيدة لأهلها من آل
نعمة والأخرى من آل تابت…
ما ذنب ابن الدكتور شمس؟
وما ذنب ابن الوزير محمد يوسف بيضون؟
ما ذنب كاتالينا برنس والسيارة المسرعة التي طارت ومات من فيها؟
لا أذكر كل الأسماء. وابن عارف نعمة، وابن المحامي جرمانوس، وابنة سمير حايك، وابن محمد علي كرامي… كلهم وسواهم أبناء لأصدقاء لنا، وتربُّوا مع أولادنا، وكانوا معهم على الطاولة ذاتها في المدرسة والجامعة.
أيام الحرب انتهت فلا تدعوا حرب الطرقات تخطف أرواح شباب المستقبل.

لن نقبل أن نسمع بعد أسماء شباب ضحية طرقات بدون إنارة وبدون دورية مسؤولة عن ضبط السرعة في القيادة. إنَّ أي شاب يموت في حادث سير يقضي بالحزن الطويل على أصدقائه.
ولو تعلمون أنَّه يقضي بالموت على أمِّه وأبيه وهما على قيد الحياة، نطالب بدوريات تضبط جموح السيارات.


نشرت في جريدة “النهار” في 13 شباط 1999

زر الذهاب إلى الأعلى