واللبيب من التصاوير.. يفهم!
أصبحت أعمدة الكهرباء تشع بصور المبتسمين حتى لو انقطع التيار تبقى عم تضوي لحالها.
حتى أنَّك تُصاب بعمى الألوان من كثرة الإشعاع أو “تلخبط” أيهما المطرب في الـ”كارت البلانش” أو “فرساي” وأيهما المرشح خاصة أن تعدد الابتسامات والملابس، والابتسامات تضيِّع الشعب ” المحتار” “الحيران”.
أعتقد لو أنَّ الشعب وضع صورة له كانت أقل عدداً بل أجمل وأبسط وأصدق من كل الصور وكان أسهل على الدولة فرز مراكز الاقتراع حتى أنني أعتقد لو وضعنا صورة واحدة لمواطن لبناني تكفي لتعبِّر عن الوطن وحاجاته.
هذا المواطن يعرف ماذا يريد ولكنه لا يعرف أبداً ماذا يريدون.
فالشعب يكفيه اسم أو صورة أو إعلان واحد فقط من كل مرشَّح ليختار ويقترع ولماذا يفترع؟!
أصبحت الصور المنتشرة مصدر تعليقات و”إشكالات” وتسأل.
مثلاً هذا العمود الكهربائي يحمل صورة مرشَّح غامض، بجانبه صورة مرشَّح مذعور، ملاصق له صورة المفكَّر، والشاعر وصاحب المبدأ يلاصقه المحبط فجأة.
هذه صورة لقاطع نفسه وخانق حاله لعمل بوز لأجمل طلَّة!!
حائط college protestant ذو موقع ممتاز للطالع من الروشة واللي نازل على الروشة واللي مش نازل ولا طالع، اللي رايح على ساقية الجنزير.
حائط حاجز يملك كل الزوايا تجد ما تريد من الابتسامات والصور والبوزات.
مثلاً: صورة مرشَّح رومانسي حالم يشبه نجوم السينما يرافقه هذا المرشَّح المقهقه، أما هذا القرفان فعنده كم كبير من الصور بأحلى المطابع.
وكما ترى العابس والعابث، الخائب والمهزوم سلفاً، وهناك صورة المتمرد والمتصنِّع.
هذه صورة مرشَّح ضجر من تغيير البوز فطلع بالصورة رافض نفسه.
مجموعة من البوزات والنظرات الهازئة والمتصنِّعة متداعية محاولة إعطاء لفتة لطيفة،
محبَّة، مؤمنة، متسامحة واللي قابض حاله جد.. وعلى مين؟! تختلط كلها مع هذا الغيظ من آب اللهاب وهذه الرطوبة الخانقة تساعد على توالد الكرتون والورق وتجعل البيئة في العاصمة لا تتنفس تخلو من الهواء أو الأوكسجين إلاَّ من خلال الصورة والصورة وما بين البوز والبوز لهاث كبير يخنق المواطن.
ودور اللبيب اللبناني آتٍ.. آت..
كلو فهمان، وعارف شو بدو، ومين بدو.. وليش بدو؟!
وكلمة اللبيب هذه المرَّة ناضجة واعية وهي خيار السنوات الصعبة وسنوات القهر والعذاب والمعاناة، وسيعرف لمن يعطي الصوت ومن الذي يستحق أن يكون خادم القوم وسيِّد القوم؟
—
نشرت في مجلة “الأفكار” عام 1999