جريدة النهار

ألم تكن تركَتُه ثقيلة؟

غريب أمر هذه التركة الثقيلة من الحكومة السابقة!
عجيب أمر هذه العبارة المتداولة التي أصبحت محط كلام!
هل حقاً ورثنا تركة ثقيلة من حكومة سابقة كان عمرها ست سنوات؟
أَوَلم تكن هذه التركة المهترئة من عمر عهد الاستقلال من حكومات ووزارات سابقة، ومن حرب داخلية استمرَّت 17 عاماً؟
السؤال هنا: لماذا عندما تسلَّمت الحكومة السابقة مهماتها ومسؤولياتها لم تذكر التركة الثقيلة التي ورثتها من حرب الغباوة والجهل والإجرام والموت الرخيص والسرقة والنهب والفساد والدمار؟

غريب أمر الرئيس رفيق الحريري كيف استطاع أن يأخذ بيد شعب عاش 17 عاماً بلا كهرباء ولا ماء ولا مجارير!
أليست تركة ثقيلة تسلَّمها الحريري ونصف أهل لبنان مهجرون في الداخل والخارج بإرادتهم أو رغم إرادتهم؟
أليست تركة ثقيلة أن يتسلَّم بلداً مهدَّماً أهله يسكنون الملاجئ؟
أليست تركة ثقيلة أنَّ لكل فريسة من أبناء هذا الشعب مأساة بفقد قريب أو حبيب أو معيل أو صديق؟
أليست تركة ثقيلة وكل أبنية المدارس الرسمية متداعية؟
أليست تركة ثقيلة أنَّ جواز سفر اللبناني كان يعني مجرم حرب أو مطلوباً من العدالة؟
أليست تركة ثقيلة أن نسمع معظم اللبنانيين يطالبون ببيع الذهب في المصرف المركزي للخلاص من الفقر ولبناء المؤسسات؟
أليست تركة ثقيلة أنَّ العملة اللبنانية سقطت في يوم من الأيام ثلاثة آلاف سقطة؟
أليست تركة ثقيلة أن يكون مرتزقة الأحزاب الطائفية منتشرين بين أفراد الشعب يسرقون وينهبون ويفرضون خوَّات؟
أليست تركة ثقيلة أن لا يكون لرئاسة الجمهورية مقر؟
أليست تركة ثقيلة أن يكون الوصول إلى قرى الجنوب بطرقه الضيِّقة والمحفَّرة صعباً وكأنَّك مسافر في رحلة أيام الجاهلية؟
ألم يكن الشمال بعيداً وكأنَّه معزول عن لبنان؟
أليست تركة ثقيلة أنَّ المطار كان أشبه بحظيرة حيوانات؟
أليست تركة ثقيلة أن تكون المدينة الرياضية خراباً ودماراً، وها هي مؤهَّلة لتستقبل الدورة الآسيوية سنة 2000 ؟
أليست تركة ثقيلة أن يكون الفساد والسرقة والرشوة والانحطاط الخلقي استشرت كل أيام الحرب؟
حكومة سابقة عمرها ست سنوات أعادت كيان دولة وأصلحت ما تهدَّم بعدما عشنا حرباً أهلية استمرت 17 عاماً فيما كل الدول المحيطة بنا كانت تبني وتزدهر.
والآن جاءت حكومة جديدة بمهمات جديدة لزمن جديد للإصلاح ومكافحة الفساد والسرقات. مباركة هذه المرحلة الجديدة.
مباركة هذه الحكومة ودورها القيادي في تخليص البلاد من الآفات.
مباركة العناصر النظيفة في هذه الحكومة الجديدة لتفتح الملفات.
مباركة أعمال هذه الحكومة لتكريس الأمن الاجتماعي وتأمين مستوى معيشي لائق.
مباركة بلادنا بقيادة رئيسنا المحبوب الذي انتظرناه طويلاً وحلمنا بقائد للبنان بصفات ومزايا وأخلاق وحزم وقرار نستحقها عن جدارة بعد طول انتظار.
ونحن فخورون ومتفائلون بالرئيس لحود والرئيس الحص والحكومة الجديدة، ونعضد حملة الإصلاح ومعاقبة السارقين وناهبي أموال الشعب.
انتهت مرحلة البناء التي كانت تتقدَّم كل الأولويات الأخرى، وحان وقت التغيير والتنمية.
وبكل فخر أقول: إنني من ناخبي الرئيس سليم الحص وناخبي الرئيس رفيق الحريري.

إليكم لبناننا، ردّوه إلينا معافى وأعيدوه جميلاً.


(*) نشرت في جريدة “النهار” في 2/4/1999

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى