جريدة النهار

هل السماء والبحر ملك أهل الأرض؟

هل أحضرت يوماً كاميرا لتصوِّر شاطئاً لبيروت ممتداً من أعلى الرملة البيضاء صعوداً حتى صخرة الروشة، يتواصل نزولاً حتى قهوة الروضة.
أنا أحضرت كاميرا وصوَّرت قبل عامين، هزئت صديقتي قائلة: “تصورين خارج السرب؟”.
هل مارست رياضة المشي ابتداءً من أعلى كورنيش الرملة البيضاء صعوداً؟
هلاّ مشيت وتوقفت قليلاً وألقيت نظرة على بيوت خشبية عتيقة جميلة بناها الصيَّادون فوق صخور متعرِّجة كوَّنتها الطبيعة العذراء؟
هلاّ أدرت ظهرك لأرتال السيارات والمباني الضخمة والمرتفعة وسرحت العين على فسحة من اليابسة ممتدة نحو البحر؟
شاطئ جميل تعوَّدناه ولم ننتبه كم هو جميل، يطل على السماء والبحر معاً. موقع يردّ الروح للمتعبين.
في أيام العطل والآحاد يأتي الكثير من الناس ليتمتعوا بالنزهة في هذا الموقع الرائع.

حديقة منسية أصبحت حديقة عامة مهملة، حديقة خطرة جداً، غير مسيَّجة ولا مراقبة. هناك ممرات للسيارات ولدراجات الأطفال والدراجات النارية السريعة تسير جنباً إلى جنب مع الأطفال والأولاد والمتنزهين والمفترشين الأرض.
لقد أصبحت مركزاً مهماً لرمي الزجاجات الفارغة وأكياس النايلون من غزل البنات والشيبس وبقايا طعام ومرمى لفضلات الفحم والأراكيل والسندويشات.
هل هذا الشاطئ ملك الدولة اللبنانية؟ أم هو ملك خاص؟ هل هذا البحر ملك أهل الأرض، كما في كل بلدان العالم.
طبعاً مطلوب من بلدية بيروت لا أن تجمله، فالطبيعة كوَّنت الجمال فيه ولكن المطلوب تأهيله والاهتمام فعلاً به وكأنه حديقة عامة منظمة، مراقبة، نظيفة خضراء، مسيجة لدرء خطر الانزلاق وتثبيت مقاعد وطاولات حجرية ومكبات، كما هي الحال على الكورنيش نفسه، أو كما في زوق مكايل.

وتحية لرئيس بلديتها الصديق نهاد نوفل.
تستطيع البلدية توفير بعض المداخيل إذا كان هناك “تقشف” برسم دخول ألف ليرة واحدة أسوة بمواقف العاصمة.

وبعد يا عزيزي، لو أحضرت الكاميرا لتصوير هذه الأرض المنسية جمالياًَ على هذا الشاطئ المتوسطي الأزرق لوجدتها ستفرغ من الصور بسرعة.
… إذا كان البحر والسماء ملك أهل هذه الأرض.


نُشرت في جريدة “النهار” عام 2000

زر الذهاب إلى الأعلى