النقاط على الحروف… لا على الأرقام
هذه السنة صادفت سنة الألفين، ويكتبها العالم كله هكذا 2000.
وفي غرفتي روزنامة جاءتني هدية من بلدٍ خليجي، صادف فيها التقويم العربي القمري مع التقويم المحلي الشمسي، فإذا شهر آب وشهر جمادى الأول 1421 يبدآن معاً يوم الثلثاء، ويكتمل القمر في منتصف الشهرين معاً، وهي مصادفة عاينتها بنفسي.
هذه الروزنامة، أوقعتني مرات عدة بالخطأ في مواعيدي، لأنَّ عيني كانت تذهب مباشرة، وغصباً عني، إلى الأرقام الهندية. ذلك أن الأرقام في الروزنامة ذات التقويم جاءت على جانبها بالأرقام العربية الكبيرة 2000 وليست بالأرقام الهندية.
هذه الخاطرة نفسها بدأت تراودني منذ تحوَّلت وحدة العملة اللبنانية من واحد إلى ألف، كما راودتني عندما بدأ العام 2000، وصرنا نكتب السنة بالأرقام الهندية التي فيها ثلاث نقاط صغيرة، كنقاط الكتابة التي تعني انتهاء الجملة كما تعني النقطة تماماً في أية لغة أجنبية. ولو كنَّا مثلاً نحرِّر شيكاً بالأرقام الهندية، ونقصت نقطة أو زادت نقطة، لبطل العمل بالشيك.
وفي ألعاب سيدني الأولمبية 2000، كانت الأرقام العربية على صدور اللاعبين وظهورهم، مقروءة ومعروفة في كل العالم، كما في الصحف والمجلات والكتب وشاشات أجهزة الخليوي.
فهل يجوز أن يستعمل سكان الأرض أرقامنا المتعارف عليها ” عربية” في جميع موسوعات الدنيا، ونبقى نحن ( وأفغانستان وإيران وباكستان، على ما أعتقد) نستعمل الأرقام الهندية لا العربية؟
أيجوز أن نستخدم، نحن العرب، الأرقام الهندية، فيما صحف شمال أفريقيا مثلاً تستخدم الأرقام العربية الأصلية بعدما تمَّ نقلها في القرن العاشر إلى إسبانيا فشمال أفريقيا نظراً لقرب المغرب وتونس والجزائر من إسبانيا؟
لماذا لا نزال نستعمل أرقاماً ليست لنا، والعالم يستعمل أرقامنا ويسمِّيها العربية؟
لم لا نستعمل “الصفر” العربي بدل استعمال نقطة يختلط فيها الصفر بالنقطة في نهاية الجملة؟
السؤال مطروح بكل جدية، بعيداً عن أي التزام سياسي، لأنَّ الحقيقة هي الحقيقة، وليست محصورة في فئة أو شريحة واحدة من الناس.
العالم كله يقرأ أرقامنا العربية ويفهمها، بينما نحن، أصحاب هذه الأرقام، ما زلنا نستعمل أرقاماً يجب أن يتعلَّمها العالم حتى يستطيع أن يفهمها. فهل يجوز هذا الأمر الفاضح؟
—
نُشرت في جريدة “النهار” 14/12/2000