انطلاقاً من نهاد نوفل
كنا إليه. مساء الخميس الماضي في النادي اللبناني للسيارات ـ الكسليك، وحوله زملاؤه رؤساء بلديات كسروان ـ الفتوح، والدعوة منهم ومن قائمقام كسروان ريمون حتي لمناسبة بادرة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود منح رئيس اتحاد بلديات كسروان ـ الفتوح، رئيس بلدية زوق مكايل المحامي نهاد نوفل وسام الاستحقاق من رتبة كومندور تقديراً لإنجازاته الإنمائية والعمرانية في زوق مكايل خصوصاً ومنطقة كسروان عموماً، وهو قال في خطابه ذلك المساء: “نعم نعم للإنماء… لا للسياسة”.
وجاء هذا التكريم بعد عودة نوفل من فرنسا حيث شارك في مؤتمر دولي للبلديات وألقى محاضرة عن أهمية الإنماء البلدي والمجتمع الأهلي.
تلك الأمسية استوعبنا، أكثر فأكثر، معنى لافتة كنَّا نقرأها خلال أيام الحرب: “ابتسم … أنت في زوق مكايل”، فكنا نبتسم لها إذ لم تكن لدينا، خلال تلك السنوات المالحة، أية مساحة بلدية نبتسم فيها إلاَّ لدى مرورنا في زوق مكايل.
يومها سألنا فقيل لنا أنَّ وراء هذه “الابتسامة الزوقية” رجلاً إنمائياً هو رئيس البلدية نهاد نوفل! ورحنا نتابع في الزوق جديداً بعد جديد، كان آخره الصيف الماضي في ليالي مهرجانات زوق مكايل الدولية (باليه “روميو وجولييت”، ميوزيكال “إيفيتا” أوبرا “بيبس”، استعراض نجوم “سوبر ستار”…) على مدرج روماني يحسبه زائره تاريخياً مكتشفاً تحت الركام الدهري، فيما هو فكرة وتنفيذاً لـ”الريِّس نهاد” كما يسمِّيه أهل بلدته زوق مكايل ويعتزون بها وبه وبإنجازاته في بلدتهم.
اليوم، بعد ربع قرن، على قراءتنا اللافتة “ابتسم… أنت في زوق مكايل”، بتنا نبتسم عند مرورنا بأكثر من بلدة وبلدية، عند مستديرة هنا وشارع هناك أو حديقة عامة هنالك أو لدى زيارتنا سوقاً عتيقاً في ضيعة أو بلدة أو مدينة، ويطالعنا سؤال: أيكون نهاد نوفل “أعدى” رؤساء البلديات أخيراً حتى تتحوَّل بلديات لبنان باقات ضوء واخضرار ونوافير ماء وساحات ماء مزهرة وطرقاً مشجرة وواحات جمال؟
ويأخذنا سؤال ثانٍ: هل يكون لنا أن نرى في كل بلدية جنائن للبيئة ومدرجات للثقافة؟
ويحفزنا سؤال ثالث: ما الذي يمنع السياسيين، حين يكونون في الحكم، من أن تكون في مناطقهم نماذج كزوق مكايل، نظيفة كزوق مكايل، سياحية ثقافية كزوق مكايل، لائقة حضارية كزوق مكايل، ونقطف الجوائز العالمية كزوق مكايل التي فازت بجائزة الأونيسكو عام 1999 وحاز رئيسها نهاد نوفل قبل أسابيع أعلى جائزة روتارية في العالم، وقال سعيد عقل يوم الاحتفال أنَّ نهاد نوفل جدير بأن يكون رئيس لبنان؟
ويطل سؤال رابع: ما الذي يمنع رؤساء البلديات في لبنان من أن يحقِّقوا ما حقَّقه وجدي مراد في عاليه، وقسطا أبو رجيلي في محطة بحمدون، وعادل بو كروم في جونيه، وما بدأنا نشهده من تحرُّك في الغبيري والمنصورية وبعض بيروت، وما تقوم به الجمعيات الأهلية في دوما وبشري ورأس المتن وسواها من مدن لبنان وقراه ودساكره؟
ولا ننهي قبل طرح سؤال أخير: ما الذي يمنع لبنان كلّه من أن يكون نموذجاً عالمياً للبيئة والحضارة والثقافة والسياحة، فيكون أكثر بلدان العالم قطفاً لجوائز عالمية تضفي على جمال طبيعته الفريدة جمال سمعة عالية تجعله وطناً مميزاً وتنقذه من سمعة ما وضعه فيه السياسيون؟
أسئلة… أسئلة… ولا من جواب واحد!
فيا وطني الفريد: أي جواب يليق بك وبأبنائك المخلصين في عملهم الإنمائي البعيد كل البعد عن السياسة والسياسيين؟
—
نُشرت في جريدة “النهار” في 18 تشرين الثاني 2003