الكلمـة الأخيـرة
حضرة الأصدقاء، حضرة المؤمنين بالصداقة، حضرة المؤمنين بسعيد عقل. سأتحدث إليكم بالفصحى وشي باللبناني ومن “قلبي اللبناني”.
يوم السبت الماضي “زفَّني” هنري زغيب إلى/ خبر حصولي على جائزة سعيد عقل. وهل الزفاف المتعارف عليه أحلى من زفافي للخبر.
لقد قفزت في الهواء قفزات عشراً كادت تؤدي قلبي المتوسط العمر وتذكرت، وعدت للوراء، هذه القفزات قفزتها بكاءً ونحيباً منذ أكثر من أربعين سنة في منزلنا في طرابلس قبالة كنيسة مار مارون عندما قال أهلي: رشا لن تذهب إلى أمسية سعيد عقل في الكنيسة لأنَّها صغيرة ولن تفهم من الشعر شيئاً.
لم يعرف أهلي وقتها أنني فاهمة لشعر سعيد عقل بالذات “مين قال ما حاكاني سعيد عقل عدرب مدرستي وكانت عم تشتي”. مين قال وأنا صغيرة ما بعرفو، وإنو لون عيونو بيشبهوا لون عيوني. مين قال وأنا صغيرة لم أنذهل ولم أزهو بجائزة سعيد عقل لجامع “الصدِّيق” في طرابلس سنة 1966. مين قال لم أفتخر بشاعر لبناني من زحلة ماروني يهدي جائزته الأولى لمسجد لبناني في طرابلس؟
افتكروني صغيرة لو تركوني روح على الأمسية كنت صرت أكبر، كنت صرت أحلى. ومن يومها أنا بحبك، هنِّي ما بيعرفوا ومن يومها صار القمر أكبر عتلالنا وصارت الزغلولي تاكل عإيدي اللوز والسكر.
سألتني الصديقات ممازحات، ماذا ستفعلين بقيمة الجائزة المادية؟ قلت لهن: رح إشتري زغلولة وآكل أنا وياها لوز وسكر لآخر العمر…
لقد كتبت مرَّات عديدة عن وطنيات لبنانية، من حالات اجتماعية وكتبت الكثير في ذكرى سنوية استشهاد زوجي الدكتور فاروق نجار وأعطيت تجربتي في الحياة عبر إذاعة صوت لبنان بحلوها ومرِّها وقد عرفت الحالتين المرَّة والحلوة، عرفت الموت وانتصرت عليه…
وهنا أفاخر بإحساسي بأنني لبنانية زيادة عن اللزوم لقد نزفت دماً على أرض لبنان، سبع رصاصات يذكرها وطني جيداً، وهي ذاكرة جسد مطبوعة في وجهي ويدي وكتفي.
والآن الذي استحقَّ الجائزة هم “أطفال الكورنيش” مقالة لي في “النهار” وقد أتبعتها بمقالة بعنوان: “الدنيا لا تزال بخير”.
إذا أرسلت السيدة نعمت كنعان المديرة العامة لوزارة الشؤون الاجتماعية مندوبتها كما اتصل الدكتور إيلي مخايل من المجلس الأعلى للطفولة وحملت أطفال الكورنيش إلى الجمعية الإنجيلية في الكحالة، وللأمانة هنَّأني الدكتور سليم الحص رئيس الوزراء بعمل الخير. والآن استحققت جائزة سعيد عقل، من صحوة أطفال الكورنيش.
شكراً لك أيها الشاعر الكبير.
—
نُشرت في مجلة “الهديل” عام 2004